وصايا خاصة وهي عامة :
ولما ودّع رسول اللّه عبد اللّه بن رواحة قال له : يا رسول اللّه مُرني بشيء احفظه عنك . فقال له : إنّك قادم غداً بلداً السجود به قليل ، فأكثر السجود . وسكت . فقال عبد اللّه : زدني يا رسول اللّه . فقال : اذكر اللّه فانه عون لك على ما تطلب فانطلق ابن رواحة ذاهباً ثم رجع إليه فقال : يا رسول اللّه ، إنّ اللّه وَتر يحبّ الوَتر ! أي ثلّثِ الوصايا . فقال صلىاللهعليهوآله : يا بن رواحة ، ما عجزت فلا تعجزَنّ إن أسأت عشراً أن تُحسن واحدة . فقال ابن رواحة : لا أسالك عن شيء بعدها . ومضى ذاهباً .
مسيرهم إلى الشام :
وفصل المسلمون من المدينة ومضوا ذاهبين حتى نزلوا وادي القرى ، فسمع العدوّ بمسيرهم ، فقام صاحب مؤتة شُرحبيل بن عمرو الغسّاني الأزدي قاتل الحارث بن عمير الأزدي اللِّهبي ، قام فيهم بتجميع الجموع وقدم أمامه الطلائع وبعث أخاه سَدوس معهم . فقُتل سدوس . فبعث أخاه الآخر وَبْر بن عمرو ، وخاف هو فتحصن وتقدم المسلمون حتى نزلوا مَعان ( في الأردن ) من أرض الشام(1) . ففي كتاب أبانِ بن عثمان : بلغهم كثرة عدد الكفار من العرب والعجم من لخْم وجُذام وبَليّ وقُضاعة ، وقد انحازوا إلى أرض يقال لها المشارف(2)
(1) مغازي الواقدي 2 : 756 ـ 760 .
(2) إعلام الورى 1 : 213 ومناقب آل أبي طالب 1 : 205 عنه ، وفيهما : وإلى المشارف تُنسب السيوف المشرفية ، صُنعت لسليمان عليهالسلام . وفي سائر التواريخ : بلغهم أنّ هرقل قد نزل مآب في مئة ألف ! وهرقل قيصر ملك زهاء ثلاثين سنة ، مما قبل الهجرة ببضع سنين حتى أواخر عهد الخلفاء الثلاثة ، كما يبدو من تاريخ مختصر الدول لابن العبري : 91 ، 92 وغزوة مؤتة في الثامنة للهجرة فهي في منتصف ملكه تقريباً ، وفي تاريخ اليعقوبي 2 : 154 : أن هرقل مات سنة عشرين للهجرة . وقال المسعودي : ملك 15 سنة من قبل الهجرة بسبع سنين . î؛ مروج الذهب 1 : 362 ، 361 و 2 : 278 فغزوة موتة كانت في أواخر عهده . وقال : إنّه هرقل الأوّل ، ثم ابنه موريق ثم قيصر ( كذا ) ثم هرقل بن قيصر على عهد عمر : 363 ونسبه في آخر كتبه : التنبيه والاشراف : 133 فقال : هرقل بن فوقا بن مرقس وكان من قواد القيصر فوقاس وأثار الناس عليه فقتلوه وملّكوه ، متزامناً للهجرة ، فملك 25 سنة وأكثر إلى سنتين من خلافة عثمان . وقال في غزوة مؤتة : فلقيهم جموع الروم في مئة ألف ، أنفذهم هرقل للقائهم ، وهو يومئذٍ مقيم بانطاكية ، وعلى متنصرة العرب من غسّان وقضاعة وغيرهم : شُرحبيل بن عمرو ، وعلى الروم : ثياذوكس البطريرك . التنبيه والاشراف : 230 .
(150)
وعليهم رجل من بَليّ يقال له مالك بن زافلة .
فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا في مَعان ليلتين يفكرون في أمرهم وقالوا : نكتب إلى رسول اللّه فنخبره بعدد عدوّنا ، فإمّا أن يمدّنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له . فشجّع الناس عبد اللّه بن رواحة فقال : واللّه إن التي تكرهون للذي خرجتم تطلبون ( الشهادة ) وما نقاتل الناس بعدد ، ولا قوة ، ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلاّ بهذا الدين الذي أكرمنا اللّه به ، فانطلِقوا فانما هي إحدى الحُسنيين : إما ظهور ، وإما شهادة ! فقال الناس : قد واللّه صدق ابنُ رواحة(1) .
فمضى الناس حتى إذا دنوا في أواخر البَلقاء من قرية من قراها يقال لها مشارف ، وإذا بجيش هِرقل من الروم والعرب معهم . فانحاز المسلمون إلى قرية اُخرى من قرى البلقاء يقال لها مؤتة . ثم دنا العدو منهم حتى التقوا عندها .
حرب مؤتة :
وتعبّأ المسلمون ، فجعلوا على ميمنتهم رجلاً يقال له : قُطبة بن قتادة العُذري ، وعلى ميسرتهم رجلاً من الأنصار هو عُباية بن مالك الأنصاري(2) .
(1) ابن اسحاق في السيرة 4 : 17 .
(2) ابن اسحاق في السيرة 4 : 19 .
(151)
فروى الواقدي عن أبي هريرة قال : لما رأينا المشركين في مؤتة رأينا ما لا قِبل لنا به من العدد والسلاح والكُراع ، والديباج والحرير والذهب ، فبرِق بصري . فقال لي ثابت بن أقرم : يا أبا هريرة ، ما لك ؟ كأ نّك ترى جموعاً كثيرة ؟ ! قلت : نعم . فقال : لو كنت تشهدنا في بدر ،انا لم نُنصر بالكثرة !(1) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : لما التقوا يوم مؤتة كان جعفر بن أبي طالب على فرس ، فنزل عن فرسه فَعرْقَبَها(2) بالسيف ، فكان أوّل من عَرْقَب في الإسلام(3) .
قال ابن اسحاق : فقاتل وهو يقول :
يا حبّذا الجنة واقترابُها |
طيّبةً وبارداً شرابها |
والروم روم قد دنا عذابُها |
كافرة بعيدة أنسابها |
عليّ إذ لاقيتُها ضِرابها
وقال ابن هشام : إنّ جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقُطعت ، فأخذه بشماله فقطِعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل رضي اللّه عنه، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة(4) .
(1) مغازي الواقدي 2 : 760 ، 761 .
(2) عَرْقَبَها : قطع عُرقوبها ، والعُرقوب في رجل الدابة كالركبة في يدها وقيل : هو الوتر الذي بين مفصل الساق والقدم .
(3) المحاسن للبرقي 3 : 477 وفروع الكافي 5 : 49 ، الحديث 9 . والتهذيب 6 : 170 ، الحديث 6 . وجواز ذلك في الحرب لكي لا يأخذ الفرس العدو فيفيد منه في حرب الإسلام .
(4) سيرة ابن هشام 4 : 20 . فروى الطبْرسي في إعلام الورى عن أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي عن الفضيل بن يسار عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : اُصيب يومئذٍ جعفر وبه خمسون جراحة ، خمس وعشرون منها في وجهه . اعلام الورى 1 : 213 .
وروى الواقدي : أنّ رجلاً من الروم قطعه نصفين فوُجد في نصفه بضع وثلاثونî؛ جراحة . وفي اُخرى : وُجد فيه أكثر من ستين جُرحاً . وفي اُخرى : وجد فيما بين مَنكبيه اثنان وسبعون ضربة بسيف أو طعنة برمح . ومِنها طعنة قد نفذت فيه . مغازي الواقدي 2 : 761 .
(152)
قال الواقدي : وأخذ اللواء زيد بن حارثة ، فقاتل معه جمع من الناس والمسلمون على صفوفهم ، حتى قُتل زيد بن حارثة ، وما قُتل إلاّ طعناً بالرمح(1) .
وروى ابن اسحاق عن من حضر الغزوة قال : وأخذ الراية عبد اللّه بن رواحة ، وكأنه تردّد بعض التردّدثم قال يستنزل نفسه :
أقسمت يا نفسُ لتنزِلِنَّهْ |
لتنزِلنَّ أو لتُكرَهِنَّهْ |
إن أجْلبَ الناسُ وشدّوا الرّنهْ |
ما لي أراكِ تكرهين الجنّهْ |
قد طال ما قد كنتِ مطمئنّهْ |
هل أنتِ إلا نطفةً في شَنّهْ(2) |
وقال أيضاً :
يا نفسُ إن لم تُقتَلي تموتي |
هذا حِمام الموتِ قد صَلِيتِ |
وما تمنّيتِ فقد اُعطيتِ |
إن تفعلي فعلهما هُديتِ |
ثم سمع صُراخ الحرب في ناحية من العسكر ، فنزل عن فرسه ، ثم تقدم نحوهم ، فقاتل حتى قُتل(3) .
فروى الواقدي قال : لما قُتل ابن رواحة انهزم المسلمون في كل وجه أسوأ هزيمة ؟ وبادر رجل من الأنصار يقال له : ثابت بن اقرم إلى اللواء فأخذه وجعل يصيح بالأنصار : إليّ أيها الناس ! فجعل قليل منهم يثوبون إليه ويجتمعون ، فنظر
(1) مغازي الواقدي 2 : 761 .
|
(2) الشَنّة : القِربة القديمة البالية ، ويقصد بالنطفة الماء ، يشبّه نفسه بماء في قربة بالية يوشك أن تنخرق فيراق ماؤها .
(3) ابن اسحاق في السيرة 4 : 21 .
(153)
ثابت فيهم إلى خالد بن الوليد فناداه : يا أبا سليمان ! خذ اللواء . فقال له : أنت رجل قد شهدت بدراً ولك سنّ فلا آخذه وأنت أحق به ! فقال ثابت : خذه أيها الرجل فواللّه ما أخذته إلاّ لك ! فأخذه خالد .
فجعل المشركون يحملون عليه .. وحمل بأصحابه ففضّ جمعاً منهم ، ثم دهمه منهم بشر كثير ، فانكشفوا راجعين .. فكانت الهزيمة ، واتبعهم المشركون . وجعل قُظبة بن عامر يصيح : يا قوم ، يُقتل الرجل مُقبلاً أحسن من أن يُقتل مُدبراً . فما يثوب إليه أحد(1) .
النبيّ صلىاللهعليهوآله بالمدينة :
وروى أبان الأحمر البجلي الكوفي عن الصادق عليهالسلام قال :
بينا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في المسجد ، إذ خُفض له كل رفيع ، ورُفع له كل خفيض حتى نظر إلى جعفر عليهالسلام يقاتل الكفار فقُتل ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : قتل جعفر وأخذ المغَصُ في بطنه(2) .
وروى الراوندي في « الخرائج والجرائح » عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قـال :
لما كان اليوم الذي وقعت فيه حربهم ( مؤتة ) صلى النبيّ بنا الغداة ثم صعد المنبر فقال : قد التقى اخوانكم مع المشركين للمحاربة . ثم أقبل يحدثنا بكرّات بعضهم على بعض إلى أن قال : أخذها ( الراية ) جعفر بن أبي طالب وتقدم بها للحرب . ثم قال : قد قطعت يده ( اليمنى ) وقد أخذ الراية بيده الاُخرى ( اليُسرى ) ثم
(1) مغازي الواقدي 2 : 763 .
(2) روضة الكافي : 308 ، الحديث 565 .
(154)
قال : وقطعت يده الاُخرى ( اليُسرى ) وقد احتضن الراية في صدره . ثم قال : قُتل جعفر وسقطت الراية .
ثم قال : ثم أخذها عبد اللّه بن رواحة .. ثم قال : قُتل عبد اللّه بن رواحة وأخذ الراية خالد بن الوليد(1) ، وانصرف المسلمون .. وقد قتل من المشركين كذا ، وقُتل من المسلمين فلان وفلان فذكر جميع من قتل من المسلمين بأسمائهم .
ثم نزل عن المنبر وصار إلى دار جعفر ، فدعا عبد اللّه بن جعفر فاقعده في حجـره(2) .
تسلية المصابين :
روى البرقي في « المحاسن » بسنده عن الإمام الكاظم عليهالسلام قال : لما انتهى إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قتل جعفر بن أبي طالب ، دخل على أسماء بنت عُميس امرأة جعفر ، فقال : أين بَنيّ ؟ فدعت بهم ، وهم ثلاثة : عبد اللّه وعون ومحمد ، فمسح رسول اللّه رؤوسهم ، فقالت : إنّك تمسح رؤوسهم كأنهم أيتام ؟ فعجب رسول اللّه من عقلها
(1) وهنا روى الطبري 3 : 41 بطريق غير وثيق وسند غير مؤيّد : أن النبيّ قال : اللهم انه سيف من سيوفك فانصره ! فمنه سمّي سيف اللّه ! وانظر قاموس الرجال 4: 148 برقم 2592 .
(2) الخرائج والجرائح 1 : 166 برقم 356 وذكر مختصره برقم 198 وأشار إليه ابن اسحاق في السيرة 3 : 22 ورواه الواقدي في مغازي الواقدي 2 : 761 ، 762 وعليه فلا يصحّ ما رواه الاصفهاني فـي مقاتل الطالبيّين عن عبـد الـرحمـن بن سمـرة قال : بعثني خالد بن الوليد بشيراً ( كذا ) إلى رسول اللّه يوم موتة ، فلما دخلت المسجد قال لي : على رسلك يا عبد الرحمن . ثم أخبر أصحابه بخبرهم فبكوا . مقاتل الطالبيين : 7 ، 8 ط النجف الأشرف و 13 ط بيروت . وفي شرح المواهب 2 : 276 قيل : إنّ الذي قدم بخبر مؤتة ابو عامر الأشعري أو يعلى بن اُمية .
(155)
فقال : يا أسماء ، ألم تعلمي أن جعفراً رضوان اللّه عليه استشهد ؟ فبكت . فقال لها رسول اللّه : لا تبكي ، فان جبرئيل عليهالسلام أخبرني : أنّ له جناحين في الجنة من ياقوت أحمر . فقالت : يا رسول اللّه ، لو جمعت الناس وأخبرتهم بفضل جعفر لا يُنسى فضله . فعجب رسول اللّه من عقلها(1) .
وروى فيه عن الصادق عليهالسلام مثله ثم قال : فخرج رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فصعد المنبر وأعلم الناس بذلك ثم نزل(2) .
(1) المحاسن 2 : 194 برقم 199 .
(2) المحاسن 2 : 193 برقم 198 .
وروى الطبْرسي في إعلام الورى عن عبد اللّه بن جعفر قال : قام رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وأخذ بيدي يمسح بيده رأسي حتى رقى إلى المنبر وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى ، والحزن يُعرف عليه ، فقال :
« إنّ المرء كثير حزنه بأخيه وابن عمه ، ألا إنّ جعفر قد استشهد وجعل له جناحان يطير بهما في الجنة » .
ثم نزل ودخل بيته وأدخلني معه ، وأمر بطعام فصنع لأهلي ، وأرسل إلى أخي ، فتغدّينا عنده ـ واللّه ـ غداءً طيباً مباركاً ، وأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه كلما صار في بيت إحدى نسائه ، ثم رجعنا إلى بيتنا . ورواه الواقدي في مغازي الواقدي 2 : 766 ، 767 .
ثم روى الطبْرسي عن الصادق عليهالسلام قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لفاطمة ، اذهبي فابكي على ابن عمك ، فانّك إن لم تدعي بثكل فما قلت فقد صدقت . اعلام الورى 1 : 214 .
وعليه فلا يصح ما رواه ابن اسحاق في السيرة 4 : 23 والواقدي في المغازي 2 : 767 عن عائشة : أنّ النبيّ أمر رجلاً أن يُسكت النساء عن البكاء على جعفر فان أبين أن يحثو في أفواههنّ التراب ! بينما هما رويا بسندهما عن أسماء أنها صرخت حتى اجتمع إليها النساء ، ولم يرو أنه منعها أو منعهن ! بل رويا أنه خرج إلى فاطمة فأمر أن يصنعوا لهم طعاماً . 4 : 22 ومغازي الواقدي 2 : 766 . وفيه : على مثل جعفر فلتبك الباكية !
(156)
وروى فيه عنه عليهالسلام أيضاً قال : لما قُتل جعفر بن أبي طالب أمر رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فاطمة عليهاالسلام أن تأتي أسماء بنت عميس هي ونساؤها ، وتقيم عندها ثلاثاً ، وتصنع لها طعاماً ثلاثة أيام . فجرت بذلك السنة أن يصنع لأهل المصيبة طعام ثلاثة أيام(1) .
وروى الصدوق : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لما جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليها جدّاً ويقول : كانا يحدّثاني ويؤانساني فذهبا جميعاً(2) .
ثم جاءت الأخبار بأنهم قد قُتلوا في ذلك اليوم على تلك الهيئة(3) .
رجوعهم إلى المدينة :
روى الواقدي بسنده عن أبي سعيد الخُدْري قال : أقبل خالد بن الوليد بالناس منهزماً ، فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين تلقّوهم إلى الجُرْف ( من نواحي المدينة ) فجعل الناس يحثون في وجوههم التراب ويقولون : يا فُرّار ! أفررتم في سبيل اللّه ؟ !(4) .
(1) المحاسن 2 : 193 برقم 197 و 196 وفي فروع الكافي 3 : 217 ، الحديث 1 وكتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 182 ، 183 ، الحديث 549 والحديث 546 وفيه : فقد شُغلوا . والحديث 548 وفيه : كان من عمل الجاهلية الاكل عند أهل المصيبة ، والسنة : البعث إليهم بالطعام . وأمالي الطوسي : 659 برقم 1360 .
(2) كتاب من لا يحضره الفقيه 1 : 177 ، الحديث 527 .
(3) الخرائج والجرائح 1 : 121 ، الحديث 198 . ولعله كان على لسان عبد الرحمن بن سمرة كما في مقاتل الطالبيين : 7 . أو أبي عامر الأشعري أو يعلى بن اُمية كما في شرح المواهب 2 : 276 كما مرّ .
(4) مغازي الواقدي 2 : 764 ، 765 .
(157)
وروى ابن اسحاق عن عروة قال : لما دنو من المدينة تلقاهم المسلمون ورسول اللّه مقبل معهم على دابة .. وجعل الناس يحثون التراب على الجيش ويقولون : يا فُرّار ! فررتم في سبيل اللّه ! فيقول رسول اللّه : ليسوا بالفُرّار ، ولكنهم الكُرّار إن شاء اللّه(1) .
وروى الواقدي قال : لقي أهل المدينة أصحابَ مؤتة بالشرّ ، حتى إن الرجل يأتي إلى بيته وأهله فيدقَ عليهم الباب فيأبون أن يفتحوا له ويقولون : ألا تقدّمت مع أصحابك ؟ ! فأمّا من كان كبيراً من أصحاب رسول اللّه فانه جلس في بيته استحياءً ، حتى جعل النبيّ يُرسل إليهم رجلاً رجلاً ، ويقول لهم : انتم الكُرّار في سبيل اللّه .
وكان من جيش مؤتة سلمة بن هشام المخزومي ابن اُمّ سلمة زوج النبيّ ، فدخل داره ولم يخرج منها ، ودخلت امرأته على اُمّ سلمة فقالت لها اُمّ سلمة : ما لي لا أرى سلمة بن هِشام أيشتكي شيئاً ؟ فقالت امرأته : لا واللّه ولكنه لا يستطيع الخروج ، فانه إذا خرج صاحوا به وبأصحابه : يا فُرّار ! أفررتم في سبيل اللّه ؟ ! فلذلك قعد في البيت . فذكرت اُمّ سلمة ذلك لرسول اللّه ، فقال رسول اللّه : بل هم الكُرّار في سبيل اللّه ، فليخرج ! فخرج(2) .
شهداء مؤتة :
وقتل بمؤتة ما عدا الثلاثة : جعفر(3) وزيد وعبد اللّه بن رواحة الخزرجي : من
(1) ابن اسحاق في السيرة 4 : 24 وعنه في إعلام الورى 1 : 215 .
(2) مغازي الواقدي 2 : 765 وابن اسحاق في السيرة 4 : 24 ، 25 بدون الذيل .
(3) نقل الاصفهاني في مقاتل الطالبيين : 8 عن علي بن عبد اللّه بن جعفر : أن جعفـر î؛ قُتل وهو ابن أربع وثلاثين سنة . ثم قال : وهذا عندي شبيه بالوهم .. وعلى أي الروايات قيس أمره عُلم أنه كان عند مقتله قد تجاوز هذا المقدار من السنين ، فانه قتل في سنة ثمان من الهجرة ، وبين ذلك الوقت وبين مبعث رسول اللّه احدى وعشرون سنة ، وهو أسنّ من أخيه أمير المؤمنين علي عليهالسلام بعشر سنين ..
(158)
قريش : مسعود بن الأسود العدوي ووَهْب بن سعد بن أبي سرح أخو عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح . ومن بني النجار من الخزرج : سُراقة بن عمرو ، وجابر بن عمرو واخوه ابو كلاب أو كليب ، وعمرو بن سعد واخوه عامر . والحارث بن النعمان بن أساف(1) أو يساف(2) .
(1) سيرة ابن هشام 4 : 25 .
(2) مغازي الواقدي 2 : 769 . هذا ، وفي احدى روايتي الكليني في اُصول الكافي 2 : 54 عن أبي بصير ، وهي التي عن القاسم بن بريد عنه عن الصادق عليهالسلام قال : استقبل رسول اللّه حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له : كيف أنت يا حارثة ؟ فقال : يا رسول اللّه مؤمن حقاً ! فقال له رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : لكل شيء حقيقة فما حقيقة قولك ! فقال : يا رسول اللّه عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري ، وكأني أنظر إلى عرش ربي قد وضع للحساب ، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة ، وكأني أسمع عواء أهل النار في النار ! فقال له رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : عبدٌ نوّر اللّه قلبه ! أبصرت فاثبت ! فقال : يا رسول اللّه ادع اللّهلي أن يرزقني الشهادة معك . فقال : اللهم ارزق حارثة الشهادة . فلم يلبث إلاّ أياماً حتى .. استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر ، وكان هو العاشر .
هذا ، والمقتول في مؤتة كما مرّ هو حارث بن النعمان بن أساف أو يساف ، وليس حارثة بن مالك بن النعمان ، ولا يوجد في السيرةوالتاريخ أحد بهذا الاسم ، بل : حارث بن مالك أبو واقد الليثي وليس هو به ، وحارث بن مالك بن البَرصاء أسلم في السابعة وليس هو به قطعاً أيضاً .
وقد ورد في آخر الرواية الاُخرى للخبر عن الإمام الصادق عليهالسلام أيضاً، في معانيî؛ الأخبار للشيخ الصدوق : 187 فقال له : يا رسول اللّه ما أنا أخوف من شيء على نفسي أخوف مني عليها من بصري ! فدعا رسول اللّه فذهب بصره !
وذكره الطوسي في رجاله فقال فيه : شهد بدراً واُحداً وما بعدهما من المَشاهد .. وشهد مع أمير المؤمنين القتال ، وتوفي ( بعده ) في زمن معاوية : رجال الطوسي :17 ط النجف الأشرف وكذلك ذكره العسقلاني في الإصابة برقمي 1478 و 1532 وأخرج حديثه هذا عن عدة من جوامعهم الحديثية بألفاظ مختلفة ثم قال : انه حديث معضل لا يعوّل عليه إذ لم يثبت موصولاً .
(159)
أمّا تاريخ الغزوة : فقد كانت في جمادى الاولى من سنة ثمان(1) .